النشرات الثقافية

النشرة الثقافية رقم 36 محرم/تموز-اب

النشرة الثقافية

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الخلق وأعزالمرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الأطهار الميامين، السلام على الحسين و على علي بن الحسين و على أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين ،

السلام على إمامنا القائد السيد موسى الصدر وعلى المراجع والعلماء،التحية إلى أرواح الشهداء الأبرار، الإخوة والأخوات ،القادة والقائدات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عاشوراء حُزنُ الأنبياء والأئمة والإنسانية وقدوة الثورات على الطغاة ونور سيد الشهداء بل انوار أهل البيت عليهم السلام أنوار الله وشمسه وقمره وعلة خلق الأفلاك.

عاشوراء نهضة الأنبياء ومشروعهم ، تعاليمهم ،إرثهم ومسيرتنا ونحن على هذا النهج ان شاء الله ومن يتوسل بالأنبياء والائمة عليهم السلام ويلجأ إلى الله بولايتهم ويتمسك بهذا الخط يُكتب له النصر والفوز مع الأجر والثواب.

 ذكرى عاشوراء نستحضر فيها القيم الحسينية لتكون الدليل والوسيلة إلى الله وهي الذكرى الحزينة ، للعبرة وللعبرات ، للموعظة ، للإقتداء ،هي مدرستنا التي تواصلت معها مدرسة جمعيتنا، تلهمنا وتعلمنا وترشدنا نحو الحق وإحياء المجالس وإلقاء الكلمات والندب والبكاء والأشعار والزيارات شعائر عزيزة تفرض علينا تأكيد الإلتزام والتخلق بأخلاق العترة الطاهرة والتزود بالتعاليم التي تقوي فينا روحية الصابرين الرساليين المقاومين.

عظم الله لكم الأجر بالمصاب الجلل ووفقكم الله لتكونوا من خدمة النهج الحسيني والمجالس التي  يحبها الله ورسوله.

مفوضية الثقافة والتربية – جمعية كشافة الرسالة الإسلامية

–  تفسير آية من القرآن الكريم :

من سورة الفجر

بسم الله الرحمن الرحيم
يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28)

قال أبو عبد الله عليه السلام: اقرأوا سورة الفجر في فرائضكم ونوافلكم، فإنها سورة الحسين بن علي عليهما السلام وارغبوا فيها رحمكم الله تعالى، فقال له أبو أسامة وكان حاضر المجلس: وكيف صارت هذه السورة للحسين عليه السلام خاصة؟ فقال: ألا تسمع إلى قوله تعالى: ” يا أيتها النفس المطمئنة ” الآية إنما يعني الحسين بن علي عليهما السلام فهو ذو النفس المطمئنة الراضية المرضية، وأصحابه من آل محمد صلى الله عليه وآله هم الراضون عن الله يوم القيامة، وهو راض عنهم.
وهذه السورة في الحسين بن علي عليهما السلام وشيعته وشيعة آل محمد خاصة، من أدمن قراءة ” والفجر ” كان مع الحسين بن علي عليهما السلام في درجته في الجنة، إن الله عزيز حكيم./ بحار الأنوار ج 44 ص 219

  • من أقوال أهل البيت (ع) في شهر محرم الحرام :

هلال محرم

كم يا هلالَ محرمٍ تُشجينا *** ما زال قوسك نبلُه يرمينا
كلُّ المصائبِ قد تهون سوى التي*** تركت فؤادَ محمدٍ محزونا

قيل للإمام جعفر الصادق عليه السلام: سيدي جُعِلتُ فداك، إنّ الميّت يجلسون له بالنياحة بعد موته أو قتله، وأراكم تجلسون أنتم وشيعتكم من أوّل الشهر بالمأتم والعزاء على الحسين عليه السلام!  فقال الصادق عليه السلام: «يا هذا، إذا هلّ هلال المحرّم نشرت الملائكة ثوب الحسين عليه السلام وهو مُخرَّقٌ مِن ضرب السيوف! ومُلطَّخ بالدماء! فنراه نحن وشيعتُنا بالبصيرة لا بالبصر، فتنفجر دموعُنا.

وروي عن الامام الصادق (عليه السلام) انه اذا هل هلال عاشور اشتد حزنه وعظم بكاؤه على مصاب جده الحسين (عليه السلام) والناس يأتون اليه من كل جانب ومكان يعزونه بالحسين ويبكون وينوحون على مصاب الحسين .

عن الامام الرضا (عليه السلام) قال : كان الكاظم (عليه السلام) اذا دخل شهر المحرم لم يُر ضاحكا وكانت كآبته تغلب عليه حتى يمضي منه عشرة ايام فاذا كان اليوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه ويقول هذا اليوم الذي قتل فيه الحسين (عليه السلام) .

عن الريان ابن شبيب قال : دخلت على الامام الرضا (عليه السلام) في اول يوم من المحرم فقال لي يابن شبيب اصائم انت ؟ فقلت ان هذا اليوم هو الذي دعا زكريا ربه … ، يا بن شبيب ان المحرم هو الشهر الذي كان اهل الجاهلية يحرمون فيه القتال لحرمته فما عرفت هذه الامة حرمة شهرها ولا حرمة نبيها لقد قتلوا في هذا الشهر ذريته وسبوا نساءه وانتهبوا رحله فلا غفر الله لهم ذلك .

من خصوصيات الامام الحسين عليه السلام :

أبرز خصوصيّات الإمام الحسين عليه السلام

هناك خصوصيّات للإمام الحسين عليه السلام  كثيرة و لكن من أبرزها أربع خصوصيات، وهي :

1- أبو الأئمّة عليهم السلام :

من خصوصيّات الإمام الحسين عليه السلام البارزة هي أنّ أئمّة أهل البيت عليهم السلام من ذرّيته ، وقد ورد التأكيد على هذه الخصوصية في الأحاديث المعتبرة حيث روي عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنّه قال :
إنَّ اللّهَ… اختارَ مِنَ الحُسَينِ الأَوصِياءَ مِن وُلدِهِ، يَنفونَ عَنِ التَّنزيلِ تَحريفَ الغالينَ ، وَانتِحالَ المُبطِلينَ ، وتَأويلَ المُضِلّينَ ، تاسِعُهُم قائِمُهُم. 

2- سيّد الشهداء عليه السلام :

ومن الخصوصيّات البارزة الاُخرى للإمام الحسين عليه السلام أنّه سيّد الشهداء في الدنيا والآخرة، فقد جاء في الحديث القدسي :
أما إنَّهُ سَيِّدُ الشُّهَداءِ مِنَ الأَوَّلينَ وَالآخِرينَ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ .
كما روي عن الإمام الصادق عليه السلام :

ما مِن شَهيدٍ إلّا ويُحِبُّ أن يَكونَ مَعَ الحُسَينِ عليه السلام ، حَتّى يَدخُلُوا الجَنَّةَ مَعَهُ .

3- بركات تربته :

الخصوصية البارزة الاُخرى للإمام الحسين عليه السلام بركات تربته الطاهرة، كما نقل عن الإمام الصادق عليه السلام :
إنَّ اللّهَ عَوَّضَ الحُسَينَ عليه السلام مِن قَتلِهِ أن جَعَلَ الإِمامَةَ مِن ذُرِّيَّتِهِ ، وَالشِّفاءَ في تُربَتِهِ .

4- بركات زيارته :

رغم أنّ لزيارة رسول اللّه صلى الله عليه و آله وأهل بيته بركات غزيرة للزائر، إلّا أنّ التأكيد الذي ورد بشأن زيارة الإمام الحسين عليه السلام لم يرد بشأن زيارة أحد من أهل البيت عليهم السلام ، والثواب والبركات الّتي ذكرت فيما يتعلّق بزيارة الإمام الحسين عليه السلام لم تذكر فيما يتعلّق بأيٍّ من الأئمّة الآخرين عليهم السلام وإذا تمّت زيارة سيّد الشهداء عليه السلام بآدابها وشروطها، فإنّها إكسير يغيّر روح الإنسان وحياته .
واستناداً إلى الروايات فإنّ لزيارته عليه السلام آثاراً وبركات غزيرة ، منها : أنّ ملائكة اللّه تولي احتراماً خاصّاً لزائر الإمام الحسين عليه السلام ، وأنّه سيكون مشمولاً بدعاء أهل البيت عليهم السلام والملائكة ، وأنّ اللّه تعالى يغفر ذنوب زائر الإمام الحسين عليه السلام ، ويطيل عمره، ويزيد رزقه، ويزيل غمّه، ويدخل السرور على قلبه، ويبدّل سيّئاته حسنات ، ويسعده إن كان شقيّاً ، ويشفع له رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، ويأذن له بالشفاعة للآخرين ، ويُحشر مع الحسين بن عليّ عليه السلام ، ويكون مع أهل البيت عليهم السلام في الجنّة، و بالتالي فإنّ فضائل زيارة الإمام الحسين عليه السلام وبركاتها لا تعدّ ولا تحصى./ موسوعة الامام الحسين للريشهري ص 276

  • من خصائص أبا الفضل العباس عليه السلام :

أبا الفضل العباس في صبره و شجاعته

من خصائص أبي الفضل العباس (عليه السلام) ومميّزاته الصبر على محن الزمان ونوائب الدهر فقد ألمّت به يوم الطف من المصائب والمحن التي تذوب من هولها الجبال فلم يجزع ولم يفه بأيّ كلمة تدلّ على سخطه وعدم رضاه بما جرى عليه وعلى أهل بيته وانّما سلّم أمره إلى الخالق العظيم مقتدياً بأخيه سيّد الشهداء (عليه السلام) الذي لو وزن صبره بالجبال الرواسي لرجح عليها.
لقد رأى أبو الفضل الكواكب المشرقة والممجدين الأوفياء من أصحابه وهم مجزّرون كالأضاحي في رمضاء كربلاء تصهرهم الشمس وسمع عويل الأطفال وهم ينادون العطش العطش وسمع صراخ عقائل الوحي وهنّ يندبن قتلاهنّ ورأى وحدة أخيه سيّد الشهداء وقد أحاط به أنذال أهل الكوفة يبغون قتله تقرّباً لسيّدهم ابن مرجانة رأى أبو الفضل كل هذه الشدائد الجسام فلم يجزع وسلّم أمره إلى الله تعالى مبتغياً الأجر من عنده.
أما في شجاعته :

فالشجاعة من أسمى صفات الرجولة، وهي صفة الاعتدال التي يحدّها الجبن والتهور، فالشجاع لا يخاف ولا يتهور فيتعدى على حقوق الآخرين ويتجاوز حدودهم، والشجاع لا يقهر الآخرين تهوراً وظلماً، وكل عمل دنيء غير إنساني يصدر من أحد إنّما يكون منشأه الجبن أو التهور، لأن الشجاعة بمعناها الصحيح حدّ وسط، وملكة نفسانية أكدت عليها التعاليم والآداب الدينية، وهي منحة إلهية تنم عن قوة الشخصية وصلابتها وتماسكها أمام الأحداث، فلا تفاض على كلّ أحد، بل لا بد
أن يكون أهلاً لها .

وقد ورث أبو الفضل هذه الصفة الكريمة من أبيه الامام أمير المؤمنين (عليه ‌السلام) الذي هو أشجع إنسان في دنيا الوجود .
وقد علمه الامام (عليه ‌السلام) وأدبه بآدابه وأفاض عليه من ذاته، ولم يكن العباس (عليه ‌السلام) قد ورث الشجاعة وتعلمها من أبيه فحسب، وإنّما كان بطلاً ضرغاماً له مؤهلاته الجسدية أيضاً حيث كان ذا بسطة في الجسم، معروفاً بالقوة والبسالة، فكان شجاعاً ظاهراً وباطناً.
وهكذا هم بنو هاشم كبيرهم وصغيرهم، فكيف بأبي الفضل العباس الذي كان علماً في البطولات، لم يخالج قلبه خوف ولا رعب في الحروب التي خاضها مع أبيه، بل لقن الأعداء درساً جعلهم يعرفون سيفه بين السيوف، وهو لمّا يزل شاباً، كما أبدى من الشجاعة يوم الطف ما صار مضرب المثل على امتداد التاريخ، حيث برز أمام تلك القوى التي ملأت البيداء، فجبّن الشجعان، وأرعب قلوب عامة الجيش، فزلزلت الأرض تحت أقدامهم وخيّم عليهم الموت./ العباس بن علي ص 60

عبست وجوه القوم  *** والعباس فيهم ضاحك متبسم
قلب اليمين على الشمال *** وغاص في الأوساط يحصد للرؤوس ويحطم
بطل تورث من أبيه شجاعة ***  فيها أنوف بني الضلالة ترغم

  • أصحاب الامام الحسين (ع) أهل الكفاءة والبصيرة :

 

أهل الكفاءة والبصيرة

حينما نسلِّم على الامام الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه عليهم السلام بـ يا ليتنا كنَّا معكم، فنفوزَ فوزاً عظيماً، فهي مدخل لكي نتعرف على جانب كفاءة هؤلاء الأصحاب الكرام .

برزت كفاءات لهؤلاء الأصحاب في عاشوراء لا نظير لها، نسلّط الضوء على خمسة منها:

1- الجهوزيّة القتاليّة العالية.

2- الوعي والبصيرة.

3- الشجاعة إلى حدِّ الاستماتة.

4- العبادة في أبهى صورها.

5- باذلو المهج .

وقد عبَّر عن الصفات الثلاثة الأولى عمرو بن الحجّاج الزبيديّ، الذي كان من الشخصيّات الكوفيّة الموالية للنظام الأمويّ، قائلاً:  [ ويلكم يا حُمَقَاء، مهلاً، أتدرون من تقاتلون؟ إنّما تقاتلون فرسان المصر، وأهل البصائر، وقوماً مستميتين ] / أنصار الحسين ص 186

 نذكر بعض صفاتهم:

1-فرسان المصر صفة تُعبِّر عن التفوّق في الحقل العسكريّ، وهذا ما كان واضحاً في خوضهم معركة كربلاء، وفي عدد القتلى الكبير جداً في جيش عمر بن سعد.

2- أهل البصائر تعبير ورد مكرّراً في نهج البلاغة، وهو يعني الفئة الواعية من المجتمع. وقد برز وعيهم في كربلاء، ولا سيّما في معرفتهم الواضحة أنّهم يذودون عن الإسلام، ويضحّون لأجل بقاء الدين المحمّدي الأصيل، وهذا ما نلاحظه في كلماتهم وأشعارهم:

كحبيب بن مظاهر قال لقومه حين دعاهم لنصرة الإمام الحسين عليه السلام:

فإنّي أقسم بالله لا يُقتل أحد منكم في سبيل الله مع ابن بنت رسول الله صابراً محتسباً إلّا كان رفيقاً لمحمّد صلى الله عليه وآله وسلم في علّيين. / البحار ج 44 ص 387

3- مستميتون:  صفة تعبِّر عن أعلى مستوى من الشجاعة التي تقتحم باب الموت بعشق. وهذا نابع من وصفَين أكَّد الإمام الحسين عليه السلام على ضرورة توفرهما لدى من يريد أن يلتحق به، حينما قال عليه السلام في عشيّة مكّة:

ألا ومن كان باذلاً فينا مهجته، موطناً على لقاء الله نفسه، فليرحل معنا، فإنّي راحل مصبحاً إن شاء اللّه. / بحار الانوار ج 44 ص 367

4- موطنون أنفسهم يبرز توطين أنفسهم على لقاء الله في مشاهد استثنائيّة في ليلة العاشر من محرَّم:

فها هو برير بن خُضير يداعب عبد الرحمن الأنصاريّ ضاحكاً، فيقول له:

ما هذه ساعة باطل، فيجيب: لقد علم قومي أنّي ما أحببت الباطل كهلاً ولا شابّاً، ولكنّي مستبشر بما نحن لاقون، والله ما بيننا وبين الحور العين إلّا أن يميل علينا هؤلاء بأسيافهم، ولوددت أنّهم مالوا علينا الساعة. / مقتل الحسين ص 216

5- باذلو المهج تجلّت في مواقف خالدة، منها:

كموقف بشير بن عمر الحضرميّ، الذي بَلَغَه أنّ ولده (عمرو) أسره الديلم بمدينة الرّيّ، فقال له الحسين عليه السلام: رحمك الله، أنت في حلّ من بيعتي، فاذهب واعمل في فكاك ابنك، فأجاب: أكلتني السباع حيّاً إن أنا فارقتك يا أبا عبدالله. / أعيان الشيعة ج 7 ص 241

6-عُبّاد ورد في أوصافهم :

–  سويد بن عمر: كان شريفاً كثير الصلاة.

–  عابس بن شبيب: كان ناسكاً متهجّداً.

–  برير: كان ناسكاً.

–  أبو عمر النهشليّ: كان متهجّداً كثير الصلاة.

وقد برزت عبادتهم ليلة العاشر من محرّم ويومه، حيث قيل عن أروع مشهدٍ عباديٍّ في ليلة العاشر من المحرّم عام 61هـ سجله التاريخ : وبات الحسين عليه السلام وأصحابه تلك الليلة، ولهم دويّ كدويّ النحل ما بين راكع وساجد، وقائم وقاعد.

وهكذا كان وبقيّة أصحاب الحسين عليه السلام: لا يسبقهم أحد قبلهم، ولا يلحق بهم من كان بعدهم. / بحار الانوار ج 44 ص 394

  • علي الأكبر (ع) في كربلاء :

علي الأكبر (ع) في كربلاء

الثبات والاستقامة :

ذكر المؤرخون أنّه لما كان في آخر الليلة التي بات بها الحسين (ع ) عند قصر بني مقاتل، أمر بالاستسقاء من الماء، ثم أمر بالرحيل، فلما ارتحلوا من قصر بني مقاتل وساروا ساعة، خفق الحسين (ع ) برأسه خفقة، ثم انتبه وهو يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، والحمد للّه رب العالمين. قال ذلك مرّتين أو ثلاثاً. فأقبل إليه علي بن الحسين(ع ) على فرس له، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون والحمد لله رب العالمين، يا أبت جعلت فداك مم حمدت اللّه واسترجعت؟ قال: يا بني إني خفقت برأسي خفقة، فعنّ لي فارس على فرس، فقال: القوم يسيرون والمنايا تسري إليهم، فعلمت أنّها أنفسنا نعيت إلينا.

قال له عليه السلام : يا أبت لا أراك اللّه سوءً ألسنا على الحق؟ قال : بلى والّذي إليه مرجع العباد. قال: يا أبت إذاً لا نبالى أن نموت محقين، فقال له: جزاك اللّه من ولد خير ما جزى ولداً عن والده. 

رجزه يوم عاشوراء :

بعد أن ردّ علي الأكبر على القوم أمانهم الذي عرضوه عليه شدّ عليهم وهو يرتجز، ويقول:

أنا علي بن الحسين بن علي *** نحن ورب البيت أولى بالنبي

تالله لا يحكم فينا ابن الدعي *** أضرب بالسيف أحامي عن أبي

وكان كلمّا برز ارتجز بذلك الشعار. 

كلام الإمام الحسين (ع) في حقه :

لما رأى الإمام إصرار ولده الأكبر على القتال وتفانيه في محاربة القوم صاح: “يابن سعد قطع الله رحمك كما قطعت رحمي ولم تحفظني في رسول الله، وسلط عليك من يذبحك على فراشك”. ثم قال: “اللهم اشهد على هؤلاء فقد برز إليهم أشبه النّاس برسولك محمّدٍ خَلقاً وخُلقاً ومنطقاً. و كنّا إذا اشتقنا إلي رُؤيةِ نَبيك نَظرنا اِليه”. ثم قال: “أللّهم امنعهم بركات الأرض، وفرقهم تفريقاً، ومزقهم تمزيقاً، وإجعلهم طرائق قدداً، ولا ترض الولاة عنهم أبداً، فإنّهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا يقاتلوننا”.

الخروج الى الحرب :

تقدّم علي الأكبر(ع) نحو القوم فقاتل قتالاً شديداً وقتل جمعاً كثيراً بلغ المائة وعشرين، ثم رجع إلى أبيه وقال: “يا أبت العطش قد قتلني وثقل الحديد قد أجهدني، فهل إلى شربة ماءٍ من سبيل؟” فقال له الحسين: “قاتل قليلاً فما أسرع ما تلقى جدّك محمداً صلى الله عليه وآله وسلم فيسقيك بكأسه الأوفى شربة لا تظمأ بعدها”. وبعد أن ودّع أبّاه عاد علي الأكبر مرّة ثانية الى المعركة وقاتل قتال الشجعان.  

شهادته :

فبينما هو يقاتل قتال الأبطال بصر به مرة بن منقذ العبدي فقال: علي آثام العرب إن مرّ بي إن لم اثكله أباه، فمرّ الأكبر يشدّ على الناس كما مرّ في الأوّل فاعترضه مرّة بن منقذ وطعنه، فصرع واحتواه القوم فقطعوه بأسيافهم. فلمّا بلغَت روحه التّراقي قال رافعاً صوتَهُ: “يا أبتاهُ هذا جَدّي رسول الله قد سَقاني بكأسه الأوفى شِرْبةً لا أظمأ بعدها أبداً وهو يقولُ العَجَل العَجَل فإنّ لك كأساً مذخورة، ثم فاضت روحه الطاهرة”. 

وقوف الامام الحسين عليه السلام :

فجاء الحسين عليه السلام حتّى وقف عليه ووضع خدّه على خدّه وهو يقول: “قَتَل اللهُ قَوْماً قتلوك ما أجْرأهُم على الرّحمن وعلى انتهاك حُرْمَةِ الرّسول”، ثمّ قال: “على الدّنيا بَعْدَك العَفَا”. 

الإمام (ع) يرمي بدم الأكبر نحو السماء :

ذكرت بعض المصادر أن الإمام الحسين عليه السلام أخذ بكفه من دمه ولده ورمى به نحو السماء فلم يسقط منه قطرة.

وجاء في الزيارة المروية بسند صحيح عن أبي حمزة الثمالي عن الإمام الصادق (ع): “بأبي أنت وأمّي، دمك المرتقى به إلى حبيب اللّه، بأبي أنت وأمّي من مقدّم بين يدي أبيك يحتسبك، ويبكي عليك محترقاً عليك قلبه، يرفع دمك إلى عنان السماء لا يرجع منه قطرة“. 

  • القاسم ابن الحسن (ع) في قافلة شهداء الطف :

القاسم ابن الحسن (ع) فتى يبلغ الحلم في قافلة شهداء الطف

هو القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) ، أمه رملة ،

لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه ولد في القرن الأوّل الهجري.

مشاركته في واقعة الطف :

كان القاسم بن الحسن من الذين اشتركوا في واقعة الطفّ بكربلاء مع الإمام الحسين(ع)، وقاتل قتال الشجعان حتّى استُشهد.

موقفه يوم الطف :

عندما رأى القاسم عمّه الحسين(ع) يوم عاشوراء وقد قُتل أصحابه وجمع من أهل بيته، وسمع نداءه وهو يقول: هل من ناصر ينصرني، جاء إلى عمّه

يطلب منه الرخصة لمبارزة الأعداء، فرفض الإمام الحسين(ع) ذلك، لأنّه كان غلاماً صغيراً.

فدخل القاسم المخيّم فألبسته أُمّه لامة الحرب، وأعطته وصية والده الإمام الحسن(ع)، يُوصيه فيها بمؤازرة عمّه الحسين(ع) في مثل هذا اليوم، فرجع إلى عمّه وأراه الوصية، فبكى(ع) وسمح له بالمبارزة، ودعا له وجزّاه خيراً.

خروجه للمعركة :

حمل على جيش عمر بن سعد، وهو يرتجز ويقول:

إنْ تُنكِرُوني فَأنَا فَرعُ الحَسَنْ  ***  سِبطِ النَّبيِّ المُصطَفَى المُؤتَمَنْ

هَذا الحُسينُ كَالأسِيرِ المُرتَهَنْ  ***  بينَ أُناسٍ لا سُقُوا صَوبَ المُزُنْ

فقاتل قتالاً شديداً حتّى قتل على صغر سنّه ثلاثة منهم وقيل أكثر.

كيفية استشهاده :

قال حميد بن مسلم: خرج إلينا غلام كان وجهه شقّة قمر في يده السيف، عليه قميص وإزار ونعلان قد انقطع شسع أحدهما، ما أنسى أنّها اليسرى، فقال لي عمرو بن سعد بن نفيل الأزدي: والله لأشدّن عليه، فقلت له: سبحان الله وما تريد إلى ذلك، يكفيك قتل هؤلاء الذين تراهم قد احتولوهم (قد احتوشوه) قال: فقال: والله لأشدّن عليه، فشدّ عليه فما ولّى حتّى ضرب رأسه بالسيف، فوقع الغلام لوجهه، فقال: يا عمّاه.

قال: فجلى الحسين كما يجلي الصقر، ثمّ شدّ شدّة ليث أغضب، فضرب عمراً (عمرواً) بالسيف فاتّقاه بالساعد فأطنّها من لدن المرفق، فصاح ثمّ تنحّى عنه، وحملت خيل لأهل الكوفة ليستنقذوا عمراً من حسين، فاستقبلت عمراً بصدورها فحرّكت حوافرها وجالت الخيل بفرسانها عليه فتوطأته حتّى مات، وانجلت الغبرة فإذا أنا بالحسين قائم على رأس الغلام، والغلام يفحص برجليه وحسين يقول: بُعْداً لِقَوْمٍ قَتَلُوكَ، وَمَنْ خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيكَ جَدُّك‏.

ثمّ قال: عَزَّ وَاللهِ عَلَى عَمِّكَ أَنْ تَدْعُوَهُ فَلَا يُجِيبُكَ، أَوْ يُجِيبُكَ فَلَا يَنْفَعُكَ، صَوْتٌ وَاللهِ كَثُرَ وَاتِرُوهُ، وَقَلَّ نَاصِرُوه، ثمّ احتمله، فكأنّي أنظر إلى رجلي الغلام يخطّان في الأرض، وقد وضع حسين صدره على صدره، قال: فقلت في نفسي: ما يصنع به؟ فجاء به حتّى ألقاه مع ابنه علي بن الحسين وقتلى قد قُتلت حوله من أهل بيته.

فسألت عن الغلام فقيل: هُوَ الْقَاسِمُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.

دفنه :

استُشهد(ع) في العاشر من المحرّم 61ﻫ بواقعة الطف، ودفنه الإمام زين العابدين(ع) في مقبرة الشهداء بجوار مرقد الإمام الحسين(ع) في كربلاء المقدّسة.

زيارته :

ورد في زيارة الناحية المقدّسة للإمام المهدي(ع):

اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْقَاسِمِ بْنِ اَلحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، اَلمَضْرُوبِ عَلَى هَامَتِهِ، اَلمَسْلُوبِ لاَمَتُهُ، حِينَ نَادَى اَلحُسَيْنَ عَمَّهُ فَجَلى عَلَيْهِ عَمُّهُ كَالصَّقْرِ، وَهُوَ يَفْحَصُ بِرِجْلَيْهِ اَلتُّرَابَ، وَاَلحُسَيْنُ يَقُولُ : بُعْداً لِقَوْمٍ قَتَلُوكَ، وَمَنْ خَصْمُهُمْ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ جَدُّكَ وَ أَبُوكَ، ثُمَّ قَالَ: عَزَّ وَاَللهِ عَلَى عَمِّكَ أَنْ تَدْعُوَهُ فَلاَ يُجِيبَكَ، أَوْ أَنْ يُجِيبَكَ وَأَنْتَ قَتِيلٌ جَدِيلٌ فَلاَ يَنْفَعَكَ، هَذَا وَاَللهِ يَوْمٌ كَثُرَ وَاتِرُهُ، وَقَلَّ نَاصِرُهُ، جَعَلَنِيَ اَللهُ مَعَكُمَا يَوْمَ جَمَعَكُمَا، وَبَوَّأَنِي مُبَوَّأَكُمَا، وَلَعَنَ اَللهُ قَاتِلَكَ عُمَرَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ نُفَيْلٍ اَلْأَزْدِيَّ، وَأَصْلاَهُ جَحِيماً، وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً أَلِيماً . / مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 106

رثاؤه :

ممّن رثاه السيّد صالح الحلّي(رحمه الله) بقوله:

إنْ يبكهِ عمُّهُ حُزناً لمصرعِهِ *** فما بكى قمرٌ إلّا على قَمرِ

يا ساعدَ اللهُ قلبَ السِّبطِ ينظُرُهُ  *** فرداً ولم يبلغِ العشرينَ في العُمرِ

  • الطفولة المذبوحة في كربلاء :

عبدالله الرضيع (ع) الطفولة المذبوحة في كربلاء

كلما قرأنا أو سمعنا مجلساً وسيرة تذكرنا بعطش وبكاء الطفل الرضيع، نعود إلى سيرته عندما حمله والده الإمام الحسين عليه السلام يوم عاشوراء ليلقي الحجة على القوم الظالمين وللعالم كله، للتاريخ، أن بني امية أعداءُ الطفولة والإنسانية، أصحاب قلوب متحجرة قاسية وهم قمة الوحشية والإجرام.

نعود الى الذكرى الفاجعة فنقرأ عن قمة التضحية وهل هناك أغلى على قلوب الأهل من فلذات الأكباد، فنفهم جيدا كم كانت التضحية كبيرة لأجل دين الله فعندما يقدم الإمام الحسين عليه السلام طفله عبدالله الرضيع قربانا للرسالة نعي جيدا عظمة دور الإمام وعظمة ثورته بوجه الطغاة ،

ورد في زيارة الناحية المقدّسة للإمام المهدي(ع):

اَلسَّلاَمُ عَلَى عَبْدِ اَللهِ بْنِ اَلحُسَيْنِ، اَلطِّفْلِ اَلرَّضِيعِ، وَاَلمَرْمِيِّ اَلصَّرِيعِ، اَلمُتَشَحِّطِ دَماً، اَلمُصَعَّدِ دَمُهُ فِي اَلسَّمَاءِ، اَلمَذْبُوحِ بِالسَّهْمِ فِي حَجْرِ أَبِيهِ، لَعَنَ اَللهُ رَامِيَهُ حَرْمَلَةَ بْنَ كَاهِلٍ اَلْأَسَدِيَّ وَذَوِيهِ.       

  • آثار الدمعة على الامام الحسين (ع) :

آثر الدمعة على سيد الشهداء الحسين (ع)

عن أبي جعفر الباقر(عليه السلام)، قال: كان علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول:
أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين بن علي (عليهما السلام) دمعة حتى تسيل على خده بوأه الله بها في الجنة غرفا يسكنها أحقابا، وأيما مؤمن دمعت عيناه حتى تسيل على خده فينا لاذى مسنا من عدونا في الدنيا بوأه الله بها في الجنة مبوأ صدق، وأيما مؤمن مسه أذى فينا فدمعت عيناه حتى تسيل على خده من وجع ما أوذي فينا صرف الله، عن وجهه الأذى وآمنه يوم القيامة من سخطه والنار.

عن الإمام الرضا (عليه السلام): من كان يوم عاشوراء يوم مصيبته وحزنه وبكائه، يجعل الله عز وجل يوم القيامة يوم فرحه وسروره.

عن الإمام الرضا (عليه السلام):  فعلى مثل الحسين فليبك الباكون، فإن البكاء عليه يحط الذنوب العظام.

عن الربيع بن منذر، عن أبيه، قال: سمعت علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: من قطرت عيناه فينا قطرة ودمعت عيناه فينا دمعة، بوأه الله بها في الجنة غرفاً يسكنها أحقابا . / كامل الزيارات ابن قولويه – الباب الثاني والثلاثون

  • السيدة زينب (ع) ومصائب كربلاء :

السيدة زينب (ع) و مصائب كربلاء

إن المصائب التي آلمت بالصديقة الصغرى زينب الكبرى ابنة علي في كربلاء مصائب متنوعة :

– (منها) ما رأته اول ما نزلت في كربلاء من معارضة الحر و إجبار اخيها (ع) على النزول فيها .

– (ومنها) ما شاهدته من القلة في اصحاب اخيها و كثرة جيوش الاعداء .

– (ومنها) ما شاهدته من تفرق من كان مع اخيها و ذهاب الاكثر ممن تبعه حين خطبهم بخطبته المشهورة بعد ما بلغه خبر قتل مسلم بن عقيل و هاني بن عروة رضي اللّه عنهما فتفرق الناس عنه يميناً و شمالا حتى لم يبق إلا الذين قتلوا معه .

– (ومنها) ما كانت تشاهده من اضطراب النساء و خوفهن حين نزلوا كربلاء.

– (ومنها) ما شاهدته من عطشها و عطش اهل بيتها عند ما منعهم القوم الماء.

– (ومنها) ما كانت تقوم به من مداراة الاطفال و النساء و هم في صراخ و عويل من العطش .

– (ومنها) ما كانت تنظر اليه من الانكسار في وجه اخيها (ع) .

– (ومنها) حين شاهدت اخواتها و بني اخواتها و بني عمومتها و شيعة اخيها يبارزون و يقتل الواحد منهم بعد الواحد .

– (ومنها) ما شاهدته من مقتل ولديها .

– (ومنها) حين شاهدت اخاها الحسين (ع) وحيداً فريداً لا ناصر له و لا معين و قد احاط به الاعداء من كل جانب و مكان .

– (ومنها) حين شاهدت رأس اخيها على الرمح دامي الوجه خضيب الشيبة .

– (ومنها) حين ازدحم القوم على رحل اخيها و مناديهم ينادي احرقوا بيوت الظالمين.

– (ومنها) حين احرق القوم الخيام و فرت النساء والاطفال على وجوههم في البيداء.

– (ومنها) مرورها على مصرع اخيها و رؤيتها جسده الشريف ملقى على الارض تسفي عليه الرياح .

– (ومنها) لما اركبوها النياق المهزولة هي والعيال والاطفال.

– (ومنها) مداراتها زين العابدين (ع) وهو من‌ شدة مرضه لا يطيق الركوب و قد قيدوه من تحت بطن الناقة، و هناك مصائب اخر اشدها انها كانت تنظر الى قتلة اخيها و اصحابه و هم يسرحون و يمرحون و السياط بايديهم يضربون الاطفال و النساء و هم في غاية الشماتة بها و بأهل بيتها .

– (وبالجملة) فان مصائب هذه الحرة الطاهرة زادت على مصائب اخيها الحسين الشهيد (ع) اضعافاً مضاعفة، فانها شاركته في جميع مصائبه و انفردت عنه عليها السّلام بالمصائب التي رأتها بعد قتله من النهب و السلب و الضرب و حرق الخيام و الاسر و شماتة الاعداء . / زينب الكبرى  ص 97

  • الامام علي بن الحسين (ع) زين العابدين وسيد الساجدين :

 

شهادة الامام زين العابدين عليه السلام

 هو الإمام المعصوم الرابع عند الإمامية ، علي ابن الإمام الحسين عليه السلام، والمعروف بين المحدثين بابن الخيرتين فأبوه: الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام وأمه من بنات ملوك الفرس، واسمها شهر بانو.

وُلد في المدينة المنورة يوم الخامس من شعبان عام 38 للهجرة.

ألقابه: زين العابدين، السجاد، ذو الثفنات، البكّاء، منار القانتين، أبو الخيرتين والعابد، ومن أشهرها زين العابدين.

أما عن تسميته بالبكّاء يروى الرواة عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام أنه قال: “بكى علي بن الحسين على أبيه عشرين سنة ما وضع خلالها بين يديه طعام إلا بكى”.

للإمام زين العابدين عليه السلام سبعة عشر ولداً أكبرهم الإمام محمد الباقر عليه السلام، والذي كان له من العمر سنتان يوم واقعة كربلاء، وأشهر زوجاته فاطمة بنت الإمام الحسن عليه السلام والدة الإمام الباقر عليه السلام.

وكان زيد بن عليّ بن الحسين، أفضل أولاده بعد أبي جعفر الباقر عليه السلام وكان عابداً، ورعاً، سخيّاً، شجاعاً، ظهر بالسيف ثائراً على ظلم بني أميّة وجورهم، يطلب بثارات جدّه الإمام الحسين عليه السلام، فقتل وصلب أربع سنين في كناسة بالكوفة.

عاش الإمام زين العابدين عليه السلام بعد أبيه الإمام الحسين عليه السلام أربعاً وثلاثين سنة، وهي مدّة إمامته عليه السلام.

الأئمة الذين عاصرهم عليه السلام:

عاصر الإمام عليّ عليه السلام وله من العمر سنتان، والإمام الحسن عليه السلام عشر سنين، ومع أبيه الإمام الحُسين عليه السلام ثلاثة وعشرين سنة‎.‎

نبذة عن حياته عليه السلام:

رغم أن الإمام علي بن الحسين عليه السلام كان ابن ثلاثة وعشرين سنة عندما حصلت واقعة كربلاء إلاّ أنه نجا من القتل بعناية الله تعالى، حيث كان مريضاً طريح الفراش لا يقوى على حمل السلاح، فاستلم زمام الإمامة ليكمل مسيرة أبيه الحسين عليه السلام في مواجهة الطغاة ونشر تعاليم الإسلام الحنيف.

حلمه وإحسانه عليه السلام:

كان الإمام السجاد عليه السلام إذا أتاه سائل قال: “مرحباً بمن يحمل زادي إلى الآخرة، وعـن الإمام البـاقر عليه السلام: “كـان علـيّ بن الحسـين عليهما السلام يخرج في الليلة الظلماء فيحمل الجراب فيه الصرر من الدنانير والدراهم حتّى يأتي باباً باباً فيقرعه ثمّ يناول من يخرج إليه متخفّياً، فلمّا استشهد عليه السلام فقدوا ذلك، فعلموا أنّه كان علي بن الحسين عليه السلام”.

وروي أنه كانت له جارية تسكب على يديه الماء إذا أراد الوضوء للصلاة، فسقط الإبريق من يدها على وجهه الشريف فشجّه، فبادرت الجارية قائلة: إنّ الله عزّوجلّ يقول: والكاظمين الغيظ وأسرع الإمام قائلا ً: كظمت غيظي، وطمعت الجارية في حلم الإمام ونبله، فراحت تطلب منه المزيد قائلة: (والعافين عن الناس) فقال الإمام عليه السلام :  عفا الله عنك، ثمّ قالت: (والله يحبّ المحسنين) فقال عليه السلام لها :  إذهبي فأنت حرّة.

آثاره العلمية :

الصحيفة السجادية:  

هي مجموعة من الأدعية التي كان يرددها الإمام عليه السلام، يناجي بها الله ويوجهها بشكل غير مباشر إلى الأمة وهي تشتمل على 54 دعاء تحت مسميات وظروف مختلفة بالإضافة إلى 15 مناجاةً معَ اللهِ سبحانه وتعالى وأدعية أيام الأسبوع كملحقات لهذه الصحيفة.

رسالة الحقوق:

هي رسائل في أنواع الحقوق، حيث يذكر الإمام فيها حقوق الله سبحانه على الإنسان، وحقوق نفسه عليه، وحقوق أعضائه من اللسان والسمع والبصر والرجلين واليدين والبطن والفرج، ثمّ يذكر حقوق الأفعال، من الصلاة والصوم والحج والصدقة والهدي… التي تبلغ خمسين حقّاً، آخرها حق الذمّة.

شهادته (عليه السلام) :

كانت شهادة الإمام زين العابدين (صلوات الله وسلامه عليه) في يوم 25 من شهر محرم الحرام عام 94 أو 95 للهجرة .

وقد سمّه وليد بن عبد الملك، فقضى نحبه مسموماً شهيداً، ودفن في البقيع الغرقد حيث مزاره الآن، وقد هدم الوهابيون تلك المزارات الطاهرة./ أعلام الهداية في حياة المعصومين

  • الركب الحسيني الى الكوفة:

الركبُ الحسينيُّ إلى الكوفةِ

 

إنَّ قافلةَ السبايا انطلقتْ في اليومِ الحادي عشر من محرّم إلى الكوفةِ. وأقامَ عمر بن سعد يومَهُ ذلكَ والغدَ، ثم أمرَ حميد بن بكير الأحمري فأذَّنَ بالناسِ بالرحيلِ إلى الكوفةِ وحملَ معهُ بناتَ الحسينِ وأخواتهِ ومن كانَ معهُ من الصبيانِ وعليِّ بنِ الحسينِ مريضٌ. / تاريخ الطبري ج 3 ص 335

 

وذكرَ في مقاتلِ الطالبيينَ:

(وحملَ أهلهُ أسرى وفيهم عمرو وزيد والحسنُ بن الحسنِ بن علي بن أبي طالب عليهِ السلامُ، وكانَ الحسنُ بنِ الحسنِ بن عليٍّ قد ارتث جريحاً، فحُملَ معهم؟ وعليُّ بنِ الحسينِ الذي أمهُ أم ولد، وزينبُ العقيلة وأمُّ كلثوم بنتُ عليٍّ بن أبي طالب وسكينةُ بنتُ الحسينِ…) / مقاتل الطالبين  ص 119 

 

وتشيرُ الرواياتُ أنَّ السبايا باتوا ليلةً واحدةً في الطريق إلى الكوفةِ، وهناكَ من يشيرُ من العلماءِ إلى أنَّ الحنانة كانتْ أحدُ المنازلِ التي نزلَ بها السبايا في طريقِهم إلى الكوفةِ.

 

كما أنهُ حُملتْ رؤوسُ الشهداءِ  على الرماحِ إلى الكوفةِ أيضاً، قالَ الدينوري:

وحُملتْ الرؤوسُ على أطرافِ الرماحِ وكانتْ اثنينِ وسبعينَ رأساً . / الأخبار الطوال  ص 259 

 

عندما وصلَ إلى عبيدِ اللّٰهِ بن زيادٍ خبرُ عودةِ جيشهِ وقدومِ السبايا إلى الكوفةِ، أمرَ أن لا يحملَ أحدٌ من الناسِ السلاحَ في الكوفةِ، كما أمرَ جيشَهُ أنْ يجولَ في سككِ وأسواقِ الكوفةِ وأمرَ أن تُجعَلَ الرؤوسُ في أوساطِ المحاملِ أمامَ النساءِ وأنْ يُطافَ بهم أمامَ الناسِ وذلكَ كي يُدخِلَ الرعبَ والخشيةَ في قلوبِ الناسِ.

فخرجتْ الكوفةُ عن بكرةِ أبيها لتشهدَ عودةَ جيشِ ابنِ زيادٍ وتتصفحَ وجوهَ السبايا.

وكانَ من أهلِ الكوفةِ من يعلمُ حقيقةَ ما جرى على أهلِ البيتِ، ويدركَ حجمَ المصيبةِ التي ارتكبَها هؤلاءِ. وكانَ منهم أيضاً من هو أمويُّ الهوى، ومنهم من كانَ لا يعلمُ بحقائقِ ما جرى متوهِّماً أنَّ ابنَ زيادٍ قد انتصرَ على الكُفَّارِ وفتحَ ثغراً من ثغورِ المسلمينَ وهؤلاءِ السبايا من غيرِ المسلمينَ.

 

قالَ صاحبُ رياضِ الأحزانِ:

وقد مُلئت شوارِعُها (أي الكوفة) وسكَكُها وأزقَّتُها من الرجالِ والنسوانِ والشيوخِ والشبانِ والصبايا والصبيانِ، من الموالي والمخالفِ، وحزبِ الرحمنِ وأولياءِ الشيطانِ، منهم باكٍ ومنتحبٌ، ومنهم ضاحكٌ وطربٌ، منهم عارفٌ بالواقعةِ العظمى وأنها جرتْ على آلِ النبيِّ مُحمَّدٍ صَلَّى اللّٰهُ عليهِ وآلهِ ومنهم جاهلٌ غافلٌ عن البلوى / رياض الأحزان  ص 48 

ويقولُ اليعقوبي في تاريخهِ:

وحملوهنَّ إلى الكوفةِ، فلما دخلنَ إليها خرجتْ نساءُ الكوفةِ يصرخنَ ويبكينَ فقالَ عليٌّ بن الحسينِ: هؤلاء يبكينَ، فمن قتلنا؟ / تاريخ اليعقوبي ج 2  ص 177 

  • من استفتاءات المرجعية الدينية :

إستفتاءات لسماحة السيد السيستاني حول بعض الشعائر الحسينية

هذه بعض الإستفتاءات الموجهة للمرجعية حول بعض الشعائر الحسينية ومنها :

  • السؤال: هنالك ظاهرتان تحصلان كل عام أثناء المسير إلى كربلاء في زيارة أربعينية الإمام الحسين (ع):
    ١ – سير الأخوة الوافدين إلى كربلاء المقدسة على الطريق المخصص للسيارات، فهل يجوز ذلك مع العلم بأن الطريق سايد واحد فقط؟
    ٢- يضع الإخوة أصحاب المواكب الذين يقومون بخدمة زائري الإمام الحسين (عليه السلام) حواجز في طريق السيارات لتخفيض السرعة حفاظاً على الزائرين، فهل يجوز ذلك؟
  • الجواب: ١- ينبغي تنظيم المسير بحيث ينتفع منه الطرفان.
    ٢- لا مانع من ذلك بالتنسيق مع شرطة المرور.
  • السؤال: في يوم العاشر من محرم الحرام تقوم بعض النسوة بجرّ شعورهن فهل يجوز ذلك وهل تجب عليهن الكفارة؟
  • الجواب: يجوز ولا كفارة عليهن.
  • السؤال: هل يجوز للمرأة أن تلطم وجهها وتنثر شعرها في العزاء الحسيني؟
  • الجواب: نعم يجوز .
  • السؤال: هل يجب قطع التعزية (العزاء/الموكب) والمبادرة إلى صلاة الظهر (مثلاً) عندما يحين الوقت؟ أو إتمام مراسم التعزية؟ وأيهما أولى؟
  • الجواب: الأولى أداء الصلاة في أول وقتها، ومن المهم جداً تنظيم مراسم العزاء بنحو لا يزاحم ذلك.
  • السؤال:  

ما حكم استعمال الطبل والبوق ونحوهما من الآلات في مواكب العزاء؟

  • الجواب: لا مانع من استخدامها في مواكب العزاء ونحوها على الطريقة المتعارفة مع كونها من الآلات المشتركة وليست من آلات اللهو المحرم.
  • السؤال: يقام العزاء الحسيني في منطقتنا على طريقة العزاء البحريني، بمعنى احتواء العزاء على أطوار أو ألحان مختلفة ولربما شابه أحد هذه الألحان الغناء المتعارف في مجالس اللهو أو في غيرها فهل يجوز استعمال هذه الألحان والأطوار في العزاء الحسيني؟
  • الجواب :

إذا لم يعلم يكون تلكم الألحان من الألحان المتعارفة عند أهل اللهو واللعب جاز استخدامها في قراءة التعزية ، وإذا علم ذلك لم يجز.

  • السؤال: ما حكم فتح الأماكن التجارية في أيّام تاسوعاء وعاشوراء أبي الأحرار (سلام الله عليه)؟
  • الجواب:

إذا عدّ نوعاً من عدم المبالاة بما جرى على أهل البيت (ع) في هذين اليومين الحزينين فلا بدّ من تركه.

  • السؤال: هناك بعض الأقراص الحسينية (الليزرية) يظهر فيها بعض الشباب من دون ارتداء القميص فهل يجوز للنساء مشاهدة تلك الأقراص؟
  • الجواب :

لا يجوز للمرأة النظر إلى ما لا يتعارف النظر إليه من بدن الرجل مثل الصدر والبطن ونحوهما على الأحوط.

  • من عقائدنا :

 

الأدلة على طول عمر الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف

يُعتبر طول عمر الإمام المهدي (عج) من أهم الإشكاليات والشبهات المثارة حول حياة هذا الإمام العظيم ، إلا أن طول العمر أمر مقبول من الناحيتين العلمية والعقلية، وله مصاديق كثيرة على امتداد التاريخ، و الأدلة كثيرة منها :

الدليل القرآني ، الدليل الروائي ، الدليل التاريخي، الدليل العلمي ، الدليل الفلسفي .

1-الدليل القرآني :

لقد أكد القرآن الكريم على وجود العديد من الأنبياء الذين طال عمرهم في سبيل تحقيق الغايات والأهداف الإلهيّة، في هداية الناس وإرشادهم إلى الإيمان والإسلام، ومنها:

ورد في القرآن الكريم آيات لا يُستفاد منها طول العمر فحسب، وإنما تنبئ عن إمكان الخلود، وهي :

– قوله تعالى في النبي يونس (ع) :

{ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ ** لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } [ الصافات ١٤٣ – ١٤٤ ]

وعلى هذا الأساس، يرى القرآن الكريم إمكان عيش الإنسان والحوت عمراً طويلاً جداً (منذ عصر يونس الا حتى يوم القيامة)، وهو ما يُصطلح عليه عند علماء البايولوجيا بـ الخلود .

قال تعالى بشأن النبي نوح (ع) :

{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا } [ العنكبوت ١٤]

إنّ ما ورد في هذه الآية الشريفة هو مدّة نبوّة نوح ، وإلا فإنه عاش، بحسب ما أشارت إليه بعض الروايات، ٢٤٥٠ سنة. / كمال الدين  ص 309 

وقال الله تعالى حول مصير النبي عيسى (ع) : { وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ  وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ  مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ  وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا *** بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ  وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا } [ النساء ١٥٧ – ١٥٨ ]

وفي ضوء بعض الآيات القرآنية، وعدد كبير من الأحاديث، يرى جل المسلمين أن النبي عيسى (ع) حيٌ يُرزق، وأنه موجود في السماء، وسينزل عند ظهور الإمام المهدي (عج) ليكون وزيره ومن أنصاره وأعوانه.

وفضلاً عن القرآن الكريم حتى في التوراة والإنجيل أيضاً، جاء ما يؤكد على وجود أفراد عاشوا أعماراً طويلة جداً، تجاوزت التسع مائة عام ، وحتى ألاف السنين .

2- الدليل الروائي :

– قال الإمام الحسن المجتبى عليه السلام :

… يُطيل الله عمره في غيبته، ثم يظهره بقدرته في صورة شاب ابن دون الأربعين سنة ، ذلك ليُعلم أنّ الله على كل شيء قدير. / كمال الدين  ص 316 

– قال الإمام أبو جعفر الباقر (ع) :

في صاحب هذا الأمر أربع سنن من أربعة أنبياء:

… وأما من عيسى فيقال: إنه مات، ولم يمت.

– عن الإمام السجاد (ع) انه قال :

في القائم سنّة من نوح، وهو طول العمر . / كمال الدين  ص 152 

3- الدليل التاريخي  :

ويُقصد بالدليل التاريخي أمرين:

– الأول:

أنّ هنالك العديد من الأنبياء عليهم السلام قد ثبت قطعاً بقاؤهم على قيد الحياة إلى فترة طويلة جداً، كنبي الله نوح الذي عاش أكثر من ألفي سنة.

وأن هنالك بعض الأنبياء لا يزالون على قيد الحياة كنبي الله عيسى ،

وكذلك الحال في بقاء الخضر على قيد الحياة. 

ومن لطيف ما يُذكر من الروايات حول طول عمر الخضر ، وأن الله سبحانه وتعالى قد أطال في عمره عبرة ومثالاً أنّه يريد أن يطيل عمر القائم ، وأنه من يريد أن ينكر عمر القائم فلينظر إلى إطالة عمر الخضر، فتبهت حجته، كرواية الإمام الصادق (ع) حول طول عمر الخضر في غير سبب يوجب ذلك إلا لعلة الاستدلال به على عمر القائم، وليقطع بذلك حجّة المعاندين. / كمال الدين  ص 357 

وكان لقمان أطول الناس عمراً بعد الخضر ، وذلك أنه عاش ثلاثة آلاف وخمسمائة سنة . / إعلام الورى ج 2  ص 306

– الثاني:

بعد قيام الأدلة العقلية والنقلية على ولادة الإمام المهدي وغيبته،  لا يجوز استبعاد طول عمره الشريف ، وبقاء العديد من الأنبياء على قيد الحياة لفترات متمادية .

4- الدليل العلمي :

تفيد الأصول العلمية المعتمدة لدى جميع علماء البيولوجيا، أنه لا يمكن تعيين سقف محدّد لعمر الإنسان، بل حتى قضيّة التعمير أيضاً غير خاضعة للتحديد الزمني ، وأيضاً بإمكان الانسان أن يعيش لسنوات طويلة جداً من دون أن يتعرض إلى إستنزاف القوى او يبتلى بالشيخوخة بفعل الظروف الجوّيّة والبيئة المناسبة والتغذية السليمة وممارسة النشاطات البدنيّة والفكريّة المناسبة، وما إلى ذلك من عوامل أخرى.

5- الدليل الفلسفي :

إنّ البحث عن إمكانية طول عمر الإمام المهدي يأتي من ناحيتين:

– الناحية الأولى : الإمكان العام :

إنّ الإمكان العام في طول العمر مما لم ينكره أحد،

– اما الناحية الثانية: الإمكان الخاص :

فتارة نبحث فيه من حيث قدرة الخالق الباري، وأخرى من حيث استعداد المخلوق وقابليته، وأخرى أيضاً من حيث وجود المانع بعد التسليم بتمامية المقتضي.

  • من أخلاقنا :

حفظ السر

إذا أردتَ حفظَ سرٍّ، فلا تطلع عليه أحداً ، وإنْ كان صديقُك المخلص لك  فإنّ له أصدقاء كثيرين .

قالَ بعض العلماء : « كلُّ سرٍّ جاوز الاثنين شاع » أي : ما خرج عن الشفتين أو الشخصين.

روي عن أمير المؤمنين كاتم سرِّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : « سرُّك أسيرك فإن أفشيته صرت أسيره » و« كلّما كثر خزّان الأسرار كثر ضياعها » و« ابذل لصديقك كلَّ المودّة ، ولا تبذل له كلّ الطمأنينة ».

وروي عن جعفر بن محمد الصادق (عليهما السّلام) : « سرُّك من دمك ، فلا يجرينّ من غير أوداجك » . / خمسون درسا” في الأخلاق – الشيخ عباس القمي

  • المرأة في الإسلام :

 

سلسلة الحجاب – الجزء الاول

قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾.

الحجاب هو مسألة من أهمّ المسائل التي أثارت الجدل في المجتمعات على المستوى الاجتماعيّ العامّ، لما له من أثر كبير في تحديد هويّة المجتمع، ودور أساسيّ وحاسم في توجّه ومسلكيّة المجتمع بنسائه ورجاله.

لذلك كان الحجاب يتعرّض دائماً لحملات التشويه والتضعيف بالجدل وطرح الشبهات تارة، وبالمحاربة العمليّة من خلال قوانين تحديده ومنعه تارة أخرى، ومن خلال محاولة عزل المحجبات عن التأثير بالمجتمع بإطلاق تهم التخلّف والرجعيّة والتحجّر… مرّة ثالثة.

وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على أهميّة الحجاب ودوره المصيريّ والحاسم في صراع الحقّ والباطل، فهو الحصن الشامخ الذي يصون بوجوده كلّ معسكر الحقّ، والذي إن سقط لا سمح الله فإنّ سقوطه سيعني انهيار الكثير من المفاهيم والمسلكيّات دفعة واحدة، فترك الحجاب ليس بمثابة رفع ثمرة من ثمار الإسلام، بل هو أشبه بنفض مائدة الحقّ في الجانب المسلكيّ ليسقط جلّ ما عليها من ثمار، ووضع الزقوم والضريع وموائد الباطل بدلاً عنها!

وقد فرض الله الستر والحجاب للحفاظ على العفاف والطهر والروحي والأخلاقي وتحصين المجتمع في مواجهة عوامل الفساد والفسق والانحراف، ومن العبث والتبذّل. وللحفاظ على قيم ثابتة في حياة الأسرة، والمجتمع، تشكل حاجة وضرورة لا تتغير بتغير الزمان والمكان.

والحجاب يحقّق الأمن فهو حماية من إرسال النظر، وحماية للقلب من مرض جموح الشهوة. وكلّ هذه تتحقّق بأن تحتجب المرأة المسلمة وأن تغطّي محاسنها ومواضع الفتنة فيها وأن تبقى كما قال الله عزّ وجلّ: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾.

لأنّ التبرّج والسفور يعقبه ذلك النظر المحرّم وقد يتلوه ارتكاب الفاحشة، وارتكاب الفاحشة مؤذن بعقوبة الله وبغضب الله وبتعكير الأمن، فلن يقرّ أمن مجتمع أبداً إلّا بأن تحتجب المرأة.

فليس هناك مجتمع تتبرج نساؤه إلّا وعاقبته الانحلال الأخلاقي والتفكّك الأسري، ويكون ذلك مقدّمة لانتشار الرذائل والمخدّرات، والأفكار الهدّامة، لذلك يحرص أعداء الله على أن يفسدوا المرأة المسلمة، ثمّ يدخلوا من خلاله إلى إفساد القلوب فيقضون على العقيدة والإيمان، وعلى الأخلاق والتماسك الاجتماعي.

  • شروط الحجاب الشرعي:

وضع الإسلام مجموعة مواصفات يجب أن تتوفّر في اللباس لكي يكون “لباسا شرعيّا” و”زيّا إسلاميّا” وحتّى يكون مؤدّيا للغرض والهدف الّذي فرض من أجله، فالمرأة المسلمة الملتزمة هي الّتي تحافظ على هذه المواصفات في لباسها، وفي زيّها، وقد ظهرت في هذا العصر “أزياء متنوّعة باسم الأزياء الإسلاميّة” قد لا تشكّل”لباسا شرعيّا” وفق ما يأتي من ضوابط.

حيث يشترط أن يتوفّر”لباس المرأة” على مجموعة مواصفات وشروط، من خلالها يتحدّد الفاصل بين “الزيّ الشرعي” و”الزيّ غير الشرعي”، وإذا جاز أن تتعدّد الأشكال بتعدّد الأزمان وتعدّد المجتمعات فإنّه لا يجوز أبداً أن تسقط المواصفات والشروط والضوابط، فهي من الثوابت الّتي لا تتغيّر بتغيّر الأعصار والأمصار.

من كلام الإمام القائد السيد موسى الصدر :

الإمام الحسين (ع) في الحقيقة أخذ المجهر بدمه

… فإذًا، الحسين (سلام الله عليه) في الحقيقة أخذ المجهر بدمه، يعني حينما قُتِل… أخذ المجهر ووضعه أمام أعين الناس ونبّههم لمسؤولياتهم ولنتائج أعمالهم، بأنه أنتم اليوم تسكتون، أو تأخذون درهمًا، أو تجلسون في بيوتكم، أو كلّ واحد منكم يأخذ ابنه الخارج إلى الشارع خوفًا من القتل ويعيده إلى البيت. ولكن ما هي نتيجة هذه الأعمال؟ نتيجة هذه الأعمال في نهاية الطريق قتل الحسين (سلام الله عليه).

الحسين قُتِل، وقَتْل الحسين ليس واقعة بنت ساعتها، وإنما هي نتيجة حتمية من سلسلة أحداث بدأت بعد رسول الله، من سلسلة أحداث ظهرت منذ أن حكم معاوية وأدت إلى مقتل الحسين بن عليّ. الانحراف في أول الخط كان انحرافًا جزئيًا، كان سكوتًا، أو تخوفًا، أو أخذ دينار، أو أخذ درهم، أو أخذ عشرة أو خمسة عشر ليرة، أو أخذ متر من الأرض… الجريمة بدأت هكذا، ولكن انطلقت وأسرعت وتكاملت وتجسّدت، وكثُر الانحراف حتى بلغ الأمر إلى درجة قُتِل ابن بنت رسول الله بهذا الشكل الفجيع ولا من متكلم، والكلّ سكتوا.

فإذًا، الحسين كشف الحقيقة، يعني قال: أيها الظالم لحق الناس قيد شعرة، أمامك طريق سوف تصل أن تظلم الناس في حياتهم، وأعراضهم ودينهم.

أيها المنحرف عن الطريق خطوة، سوف تصل إلى مكان ترضى بقتل ابن بنت رسول الله أو تساهم في قتله.

أيّها الشخص الذي لا تبالي بما جرى أمامك وتسكت عن الحق المضيع أمامك، أنت أمامك مستقبل يُهتك [فيه] الأعراض والحرمات ويُباح الدماء وأنت ترضى أو تنفِّذ وتسكت. ليس هناك من تفاوت ولا فرق ولا طريق معتدل: إما طريق الهداية وإما طرق الضلال وما أكثرها!

فالذي يجلس في مجلس الحسين يفكِّر لحظة، لعل الكثير منا يقول: يا ليتنا كنا معك فنفوز فوزًا عظيما. كثيرون منا يقولون إنه لو كنّا نحن في كربلاء لكنا ننصر الحسين (عليه السلام) من دون شك، أليس حضوركم في هذا المكان هذا معناه بأننا لو كنا في كربلاء لكنا ننصر الحسين! ولكن، بينك وبين الله، إذا تريد أن تحكم على الذين قتلوا الحسين يجب أن تنظر إلى الظروف الموضوعية التي أحيطت بالجماعة، وأوصلتها إلى هذه الدرجات. ذنب الأمة في قتل الحسين ليس فقط في أن يخرج أحدهم إلى كربلاء فيرمي سهمًا، ويستعمل سيفًا، ويضرب بحجارة أو يشترك في قتله. لا، ليس هؤلاء فقط هم المذنبون والمسؤولون. الأم التي كانت في الكوفة أو في الطريق ووجدت وسمعت بأن الحسين خرج، ثم فتحت الباب، وقالت لابنها: ادْخل في البيت حتى لا تقع في فتنة، فالفتنة آتية فيجب عليك أن تتحرز، هذه الأم أيضًا شريكة في قتل الحسين.

هذه الحقيقة أليست واضحة بعد قتل الحسين؟! كيف هذا؟

أنتم الآن بكل سهولة تقولون لو كان الحسين أمامنا كنا ندافع عنه. ما كنا نسمح للناس أن يقتلوه. لماذا هذه الكلمة ألم يقولوها أيام الحسين؟ ألم يكن واجبًا عليهم أن يحولوا دون استشهاد الحسين؟ هذا النفر القليل من صحابة الحسين الذين حاربوا قبل الحسين، كل واحد منهم كان يعرف أنه سوف ينتهي ويموت ويبقى الحسين بين يدي الأعداء. كلهم كانوا يعرفون، لكن لماذا كانوا يتسابقون على جهاد الأنفس؟ لأي سبب؟ هؤلاء كان لهم أمل واحد بأن يتأخر موت الحسين واستشهاد الحسين خمس دقائق، يعني كانوا يفدون خمس دقائق من حياة الحسين بكل وجودهم وحياتهم. لماذا؟ لأنهم كانوا يفتكرون لعل قتل هؤلاء، لعلّ استشهاد هؤلاء يؤثِّر في تلك القلوب القاسية، فقسم منهم يرجع عن غيِّه، ويصبح الحسين منتصرًا في المعركة. يفتكرون بهذا الشكل أو بشكل آخر. على كل حال، كل واحد كان يؤدي دوره في هذا السبيل.

ونحن حينما ننظر إلى هذه اللوحة، إلى هذا السراج المنير الذي أضاءه الحسين أمام أمته في عصره وفي كل العصور، ننتبه إلى هذه الحقيقة؛ لأن الحق صغيره حق وكبيره حق، الظلم صغيره وكبيره، الطريق المنحرف أوله وآخره، كل هؤلاء امتداد لشيء واحد. الحق الصغير ينمو ويكبر: ضرب كف على وجه اليتيم يؤدي إلى قتل الحسين؛ أخذ ذرة من مال الحرام يؤدي إلى موقف ابن سعد بأخذ ملك الري والخروج لقتل الحسين؛ هتك حرمة امرأة محترمة باللسان وبالكلام وبالنظر يؤدي إلى هتك الحرمات وسبي النساء…. / مقتطف من محاضرة الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة

الميثاق – البند الثاني

الالتزام بالتراث والاستفادة من التجارب في اقطار الأرض

ان الحديث عن التراث لا يقصد منه التغني بالتاريخ المشرق للأمة، بل جعل ذلك الماضي في خدمة الحاضر والمستقبل، واستلهامه من أجل صياغة وجود الأمة صياغة جديدة، لأن الأمة التي تنفصل عن تراثها تشبه الشجرة التي تستغني عن جذورها .. لهذا فإننا نود ان نحلل أو نعلل الاسباب والنتائج لنتخذ من التراث دليلاً نصنع به أمجادنا الحاضرة، وليس لنقف على الأطلال البالية.

ولقد اثبتت الدراسات والاكتشافات ان العرب كان لهم حضارة قيمة قبل بزوغ نور الاسلام، إلا انها اندثرت، وتوقفت عند محطة الجاهلية السوداء، حتى قام الاسلام برفع تلك الروح الحضارية إلى قمة شاهقة فشملت مختلف نواحي الفكر والاقتصاد والاجتماع والاخلاق، وفعل التطور فعله في تنويع هذه الحضارة وتعقيدها وتلاحقت الديانات والفلسفات والعلوم، في عقل الأمة … وسيرت الجيوش لنشر رسالة التوحيد وتحرير الأمم، وأسست الدولة الإلهية في المدينة، على يد القائد الاعظم محمد (ص) فكانت النواة الأولى، للدولة الكبرى التي اصبحت اضخم من دولة الرومان بضعفين .

ولعل العوامل التي ادت إلى نجاح التجربة الانسانية للأمة هي :

أ – الرؤية الخاصة للحياة : والتي حددت على اساسها الأهداف والاستراتيجية والتكتيك : (المنهاج الالهي)

ب – تحمل المسؤوليات بإخلاص : وذلك نتيجة لوعي الرسالة والعمل من اجلها.

ج – طاعة القيادات الأمينة : أي تقديم المصلحة العامة على المصالح الخاصة لأن في ذلك رضا الله تعالى .

اولاً: تراثنا الحضاري الفكري والأدبي والعلمي :

أ ـ في الجانب الفكرية :

– القرآن الكريم : هو الأساس الفكري المتين لتطور الحضارة الإنسانية، ومثال البلاغة والمتمم للرسالتين المسيحية واليهودية والمصدق لهما، والمصدر الأول للدستور المنظم للحياة الاجتماعية.

– السنة الشريفة : وهي حديث الرسول (ص) وفعله وتقريره، والشارحة والمفصلة للقرآن والمتممة لفهم الرسالة.

– الفلسفة والفكر التراثي : الذي هو صفة المؤمنين العقلية في فهم التراث .

ب – في الجانب الأدبي  :

  • ظهور شعراء فحول في العصر الجاهلي والإسلامي ووضع قواعد اللغة وفقهها على يد الكثيرين نذكر منهم : أبو الأسود الدؤلي ( واضع علم النحو باشارة من الإمام علي (ع)، الحسن البصري، الكسائي، سيبويه، نفطويه).
  • ظهور كتابات نثرية عظيمة الأثر منها : نهج البلاغة للإمام علي (ع)، كليلة ودمنة ، الاغاني (للاصفهاني) ، البخلاء، والبيان والتبيان والحيوان للجاحظ .

ج – في التاريخ والجغرافيا :

ظهر الواقدي واليعقوبي والبغدادي والبلاذري وابن خلدون والمسعودي وياقوت وابن بطوطة.

د ـ في العلوم والرياضيات :

ظهر ابن سينا الرازي ، أسامة بن منقد (في الطب) ، جابر بن حيان في الكمياء (اخذ عن الامام الصادق ) ، ابن جابر والخوارزمي وابن الهيثم (في الرياضيات)، كما توصلوا إلى اكتشاف الميكروب واختراع البوصلة والورق والزجاج والبارود واستخرجوا السكر . . .

 ولقد قال أرنست رنان :

إن الآثار والاسفار المحتوية على شتى العلوم والفنون التي أضفاها علماء الإسلام على الكون ونقلتها الحملات الصليبية إلى جميع بلدان الغرب وما سبق ذلك من احتكاك بين العرب واوروبا عن طريق الاندلس ، ادى إلى إفعام المكتبات الأوروبية الخاوية الفقيرة بكنوز لا تفنى من العلم الذي انتجته قرائح المسلمين، وكان من نتائجه انتشار الثقافة والترعرع العلمي في البيئة الأوروبية بأسرها كما رفع مستوى شعوبها إلى أفق التمدن الذي نشاهده اليوم ./ أضواء على الميثاق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى