تنمية القيادات

القيادة بين التدرج والانتساب الجديد

“لا تعلّمِ الفتى ما هي الطّبيعة، بل ارمِه فيها فيتعلّمها بنفسه”.
              مؤسّس الحركةِ الكشفيّة اللّورد بادن پاول.

انطلاقًا من هذا القول، تستوقفنا أهميّة العمل الميدانيّ والتّأكيد على أهميّة ممارسة العمل الكشفيّ العملانيّ على أرض الواقع، وليس النّظريّ فقط، لتحقيق النّجاح والتّميّز، وذلك من خلال ارتباط القائد بالطّبيعة، والطّليعة والموقدة، وسارية العلم، وسهرات السّمر والنّار، والعقدة، والرّبطة التّراتبيّة…

أضف إلى ذلك، فهم المناهج وإدراكها، و تحديد دور القائد ومهامّه المرتبطين بممارسة هذه الأعمال.

إنّ مهارة القائد تكمن بكيفيّة التّنفيذ على أرض الواقع; فالكشفيّة أسلوبُ حياةٍ يجب أن نعيشه بكلّ تفاصيله. ولكي تصبح قائدًا ناجحًا لأيّ وحدةٍ كشفيّةٍ، يجب أن تكون  شبلًا، وكشّافًا وجوّالًا… أو عليك أن تتدرّب، وتُشبع شخصيّتك بما يناسبها، وتدرّب نفسك بالطّرق المباشرة وغير المباشرة.

..ولن ننسى أبدًا أنّ تدرّج القائد من عدمه ينعكس إيجابًا أو سلبًا على أدائه داخل وحدته الكشفيّة، إذ إنّه عاش الحياة الكشفيّة كفردٍ، ورئيسِ مجموعةٍ، وشارك في حفلات الانتقال، وسهرات السّمر، والأنشطة المتنوّعةِ، وعقد الاجتماعات الدّوريّة، وعايش أهميّة التّخطيط من خلال مشاركته باجتماعات مجلس الشّرف وغيرها..

أمّا غير المتدرّج، فيحتاج إلى وقتٍ أكثر ليتعايش مع خصائص المراحل العمريّة للوحدات الكشفيّة، ويحتاج إلى المشاركة، واستلام مهامٍ في الوحدات والأنشطة المنفّذة ليتعايش مع الواقع الكشفيّ ويشعر به.

فالكشفيّ دورُه رساليٌّ، حاملًا أمانة بناء فكرٍ منضبطٍ، متمتّعًا بشخصيّةٍ متّزنةٍ يُعتمد عليها وقت الصّعاب.

من الجدير ذكره، أنّ الفرد المتعرّض لتجربة الحياة الكشفيّة منذ طفولته، يستطيع فهمها والتّعامل معها أكثر من الفرد الّذي يندمج فيها بعمرٍ أكبر.

القائد المتدرّج الّذي خضع للخبرات الكشفيّة كافّةً في جميع المراحل العمريّة يكون أكثر دقّة في فنّيّات التّعامل مع الأفراد فيما بعد. فقد اكتسب خبرات التّعلّم الحسّيّ الحركيّ في مرحلة البراعم  حيث تعرّف إلى المحيط عبر الحواسّ.
ثمّ انطلق منها إلى مرحلة ما قبل العمليّات المادّيّة في مرحلة الأشبال حيث الأنشطة والمهارات الحركيّة.
بعدها انطلق إلى مرحلة العمليّات المادّيّة حيث استكشف، وصنّف الأشياء في مرحلة الكشّافة.

..ليصل إلى مرحلة العمليّات المجرّدة، حيث يستطيع الفرد العمل ضمن مجموعات، ومناقشة القضايا الاجتماعيّة، وطرح الأفكار المختلفة في مرحلة الجوّالة.

من هنا، فإنّ هذا القائد باستطاعته أن يقدّم أفكارًا تساعد في بناء طرق المناهج، وإطاراتها، وتصميمها، وتقديم الموادّ التّربويّة الّتي تطال الجوانب الكشفيّة بمختلف أنواعها: الدّينيّة، والعقليّة، والصّحّيّة، والاجتماعيّة .. وفقًا لاحتياجات كلّ فرد.

في الختام، عزيزي القائد، إن كنت انتسبت إلى الكشفيّة بشكلٍ متدرّجٍ، أو سبقتك القافلة والتحقت بها وأنت بعمر القيادة، هذا لا يمنع أنّه من الممكن أن تتميّز، وأن تصبح قائدًا مميّزًا بأنشطته وأفكاره، شرط أن تبذل جهدك في التّدريب الذّاتيّ والرّسميّ، وأن تسعى لذلك بمجرّد أنّك اكتسبت لقب القيادة بالتزامك مسارك التّدريبيّ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى