نشرة تنمية القيادات والمراحل الكشفية رقم 6 حزيران 2023
قال الإمام القائد السّيّد موسى الصّدر:
“إنّ الكشّاف نوعٌ من أنواع صيانة المجتمع وأكثرها إنسانيّة”.
إنّه ضمانٌ اجتماعيٌّ بشريٌّ، والتّأمين الفطريّ الإنسانيّ عندما يهاجم البشر أعداؤه: المرض – الفقر – الحادثة. عندئذٍ فالمجتمع الحيّ المرصوص يتحرّك ويتصدّى للدّفاع.
لكن، هناك جهاز خاصٌّ مسؤولٌ هو الكشّاف، والمسؤوليّة هي شعور الإنسانيّة…
الكشّاف هو فردٌ يشارك في حركةٍ كشفيّةٍ أو في منظّمةٍ كشفيّةٍ،
يتميّز الكشّاف بالقيم والمهارات الّتي يكتسبها من خلال المشاركة في برامجَ، وأنشطةٍ كشفيّةٍ.
يهدف الكشّافون إلى تطوير أنفسهم بدنيًّا، وعقليًّا، وروحيًّا، وتنمية قدراتهم القياديّة والاجتماعيّة.
والحركة الكشفيّة تعتمد على مجموعة من المبادئ والقيم التّوجيهيّة مثل: الوفاء بالواجب، والتّعاون، والتّحضّر، والتّفاني في خدمة المجتمع.
تتضمّن أنشطة الكشّافة: التّعلّم في الهواء الطّلق، والتّخييم، والعمل الجماعيّ، والاكتشاف الذّاتيّ.
بالإضافة إلى ذلك، يعتبر الكشّافون نموذجًا للشّباب المثاليّ المسؤول في المجتمع. يعملون على خدمة المجتمع والبيئة من خلال مشاريع إنسانيّةٍ وبيئيّةٍ، ويسعون إلى تحقيق العدل والمساواة والسّلام.
يُعزّز الكشّافون الرّوح الرّياضيّة، والنّزاهة، والمسؤوليّة الفرديّة والجماعيّة.
باختصار، الكشّاف هو شخصٌ يتبنّى قيم الكشّافة، ويسعى إلى تطوير نفسه وخدمة مجتمعه، ويمتلك مجموعةً من المهارات والمعارف الّتي تمكّنه من التّفوّق في مختلف جوانب الحياة.
هناك مجموعة من الصّفات الّتي يجب على الفرد أن يتحلّى بها حتّى نستطيع أن نطلق عليه لقب “كشّاف”.
ومن أهمّ هذه الصّفات:
🔸 تحدّي الذّات: الكشّاف هو الشّخص الّذي يتحدّى ذاته ويواجه الصّعوبات الّتي تواجهه في المجتمع. فشعار الكشفيّة الّذي يرفعه هو ” أبذل قصارى جهدي”، وهذا يتطلّب الالتزام الدّائم والكامل بتحسين وجود الإنسان من النّواحي الرّوحيّة، والأخلاقيّة، والعقليّة، والاجتماعيّة والبدنية.
أن نقول “أبذل نصف ما لديّ من جهد”، مثلًا، فهي عبارة تثير الضّحك والسّخرية. ولكن السّؤال هو: كم من النّاس يقومون بذلك في حياتهم اليوميّة؟ ينظر الكشّاف إلى ما في الأمور من ظاهرها وباطنها، وذلك يتضمّن استكشاف الدّوافع الحقيقيّة للأمور، والتّأكّد من صحّتها وجدواها. ويكافح الكشّاف من أجل العمل في إطار من الأخلاق الحميدة، ويتجنّب أيّ موقف قد يؤدّي به إلى الانحراف والغواية، ومن أجل فتح الأبواب لكلّ أعضاء المجتمع الّذي يعيش فيه. كما أنّه يكافح من أجل أن يحيا يومه في إطار المبادئ الّتي يؤمن بها وليس مجرّد الحياة بشكلٍ تقليديّ وتلقائيّ. يعلم الكشّاف أنّ الحياة تتضمّن عمليّة تعلّم مستمرّة، ولا يتوقّف أبدًا عن اكتساب معارف ومهارات جديدة. ويفهم ويستوعب جيّدًا هذا المكان الرّائع المسمّى “الكرة الأرضيّة”. فيكافح من أجل أن يكون سليمًا صحيًّا، حيث أنّ المرض يجعل منه شخصًا متواكلًا، ويحول بينه وبين المشاركة الفعّالة والكاملة في تنمية المجتمع وتطوّره.
🔸 المساهمة في معالجة مشاكل الأخرين:
بناءً على قدرات الفرد على تطوير نفسه، يمكن للكشّاف أن يسعى إلى تحسين المجتمع والبيئة الّتي يعيش فيها. عندها يدرك أن هناك العديد من جوانب الحياة تبدو بعيدةً عن المبادئ الّتي يؤمن بها. ويدرك أيضًا أنّ العالم مليءٌ بالنّاس الّذين يحتاجون إلى يد المساعدة، والعثور على أصدقاء يثقون بهم، وأفعال صالحة يمكن أن توجّههم إلى الطريق الصّحيح.
يكون الكشّاف على اطلاع على الأحداث المحيطة به، ولديه القدرة على التّعامل معها، حيث يهتمّ بالأمور العامّة أكثر من الآخرين، ويتمتّع بالشّجاعة ليكون قدوةً في القيادة، سواء داخل بيته أو في المجتمع الخارجيّ.
🔸 التّمسّك بمنهاج الحياة:
يدرك الكشّاف أهميّة أن يعيش وفقًا لمنهج أو نظام للحياة، حيث يكون له نظام ذاتيّ يحكم سلوكه وعلاقاته بما يعكس القيم الأخلاقيّة السّامية والمبادئ العليا.
في العالم الحقيقيّ، يعلم الكشّاف كيف يستفيد من قدراته سواء في أعمال الخير أو التّنافس مع الآخرين في خدمة الخير.
“فالاستثمار الاجتماعيّ” عبارةٌ مشهورةٌ تُستخدم كثيرًا في عالم الأعمال. والكشّاف يدرك تمامًا أنّ الأعمال الجيّدة هي الّتي يدعمها المجتمع وتزيدها قوّة وفعاليّة. إنّ الكشاف لا يسمح ببيع قيمه بأيّ ثمن، بل يستمرّ في التّمسّك بالقيم حتّى لو تخلّى عنها الآخرون. هو اسمٌ ورمزٌ تحترمه أيّ منظمة تسعى إلى العمل بشرفٍ واستقامةٍ، فالكشّاف الّذي يخلو من الشّرف لا يعتبر كشّافًا.
🔸 صنع المعروف والاعتراف بجميل القادة:
يقوم الكشّاف بعمل الخير يوميًّا كشكل من تسديد الدّيون بلا مقابل، وربّما من دون أن يلاحظه أحد. ويجب أن لا ننسى أبدًا كلّ المعروفات الّتي قدّمها قادتنا الّذين اهتمّوا بنا، سواء كانوا من المدرّسين أو المرشدين أو قادة الكشّافة. مثل هذه الأمثلة تجعل الكشّاف لا يتساءل لماذا لا يلقى المساعدة الآن، بل يظل ممتنًّا وسعيدًا بالمساعدة الّتي يلقاها، ويسعى إلى تقديمها للآخرين بشكلٍ مستمرٍّ.
🔸 التّمتّع بالرّوح الكشفيّة:
يعلم الكشّاف أنّ وجود شخص واحد يثق بنفسه وقدراته يمكن أن يُحدِث فرقًا كبيرًا في العالم من حوله، حتّى في مواجهة التّحدّيات الصّعبة. كلّ ما يحتاجه الشّخص هو أن يكون مثابرًا، ولديه الإرادة والعزيمة لتحقيق أحلامه. التّحقيق والتّفوّق لا يعني القيام بأعمال ضخمة، بل إنّ الكشّافين من خلال تعاونهم وتعاضدهم، يستطيعون أن يحرّكوا مجتمعاتهم نحو اتجاه أفضل بشكلٍ إيجابيّ، وهذا ما يعرف بـ “الرّوح الكشفيّة”.
🔸 التّحلّي بالإنسانيّة:
الكشّاف هو الشّخص الّذي يتحلّى بروح الإنسانيّة، ويتميّز بالودّ والمسؤوليّة والاستقامة والشّرف. علينا جميعًا أن نأمل ونسعى إلى أن يتحلّى الناس بهذه القيم والمبادئ الّتي يتحلّى بها الكشّاف.
يقول بادن پاول
في منظّمة كبيرة وحركة عظيمة مثل: الحركة الكشفيّة لا يوجد مكان للأنانية والجهود الفردية.. علينا جميعًا أن نتعاون معًا، ونعمل مشتركين مع بعضنا البعض وبفاعليّة لتحقيق الهدف المنشود .. فالتّعاون هو الطّريق الوحيد للنّجاح.